شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
القمار
19392 مشاهدة print word pdf
line-top
لا ضرر ولا ضرار

إذا تأملنا المعاملات التي يتعامل بها الناس فيما بينهم، والتي قد شرعها الله -سبحانه وتعالى- وجدناها في غاية المناسبة؛ لأن الله عز وجل قد أحل لهم المعاملات التي تنفعهم وتفيدهم في هذه الحياة وليس فيها ضرر أصلا.
والمعاملات التي أباحها الله للتعامل بها بين الناس، والتي يحصلون بواسطتها على كسب المال الحلال دون أن يحصل منها ضرر على أنفسهم، ولا على مجتمعهم، ولا على إخوانهم، كثيرة جدا، ومن ذلك مبادلات البنوك التي ليس فيها ضرر، ومنها المعاملات التي فيها نفع للمشتري بتحصيل السلعة التي يقصدها، ونفع البائع بتحصيل كسب يقوم مقام تعبه وكده، ومقام سعيه في تحصيل هذا الربح.
فهذه المبايعات فيها مصلحة للبائع والمشتري، وهكذا سائر المعاملات مثل الصلح والإجارات والوكالات، والمساقاة والمزارعات، وكذلك الكفالات والرهون وما أشبه ذلك من معاملات أباحها الشرع، ولكن جعل إباحتها في حدود حدها الله -عز وجل- في كتابه الكريم، وفي سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- بحيث أنه لا يجوز تجاوز ما حده الله وما أباحه.
ومن المعلوم أن الأصل في المعاملات الحل؛ لأنها حلال قبل أن يأتي الشرع فلما جاء الشرع أقر ما لا ضرر فيه، وحرم منها ما فيه ضرر كما هو معلوم.
وإن أضر ما على العباد تلك المعاملات الربوية التي فيها ظلم لأحد الجانبين، ونفع للجانب الآخر، فحرمها الله لما فيها من الضرر البين، وكذلك معاملات الخداع، ومعاملات الغش، ومعاملات الغرر وما أشبه ذلك؛ لما كان فيها من الضرر لأحد المتبايعين، فحرمها رفقا بالعباد؛ سِيَّمَا الضعفاء منهم، فإذا كان في أي معاملة غش لأحد المتبايعين، أو مخادعة، أو ظلم، أو زيادة في القيمة استغلالا للأموال واحتيالا على الجهال، فقد دخلت كل هذه المعاملات في الضرر المحرم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا ضرر ولا ضرار وذكره الله تعالى بقوله: وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ونحو ذلك. فهذه المعاملات لما كان لها من أثر سيئ على الفرد والمجتمع فقد منعنا -سبحانه وتعالى- منها، أما بقية المعاملات التي لم يرد نص في تحريمها فهي باقية على الإباحة.
ومن جملة المعاملات التي حرَّمها الله -تعالى- التعامل بالقمار، وهو الميسر، وفي هذه الرسالة المختصرة سوف نذكر - إن شاء الله تعالى- حكم القمار، وأدلة تحريمه، وأثره السيئ على الفرد والمجتمع، فإلى المقصود، والله المستعان، وعليه التكلان.

line-bottom